تعد مسألة تربية الحمام وحكمها من القضايا التي تثير تساؤلات كثيرة بين المسلمين، حيث انتشرت هذه الظاهرة منذ زمن بعيد، لأغراض متعددة. ومن الضروري أن يكون لكل مسلم وعي كافٍ حول الحكم الشرعي المرتبط بهذه الفعالية، إذ أن معرفة ذلك تساعده في الحفاظ على حقوقه وحقوق جيرانه، وكذلك ضمان المعاملة الصحيحة للحمام نفسه، وبالتالي تجنب المحرمات. سنستعرض في هذا المقال عبر موقع أطروحة حكم تربية الحمام وتفسير حديث “شيطان يتبع شيطانة”.

الاعتبار الشرعي لتربية الحيوانات

يولي الدين الإسلامي اهتمامًا كبيرًا بجميع المخلوقات، بما في ذلك الحيوانات. فقد وضع الشرع أحكامًا وضوابط للتعامل معها، مما يجعل من الضروري لكل مسلم الالتزام بما حدده الكتاب والسنة في هذا الصدد. وكما هو الحال مع مختلف أنواع الحيوانات، فإن الحمام له أحكام خاصة تتعلق بتربيته وفقًا للشريعة.

حكم الأضحية في عيد الأضحى

حكم تربية الحمام

تختلف آراء العلماء بشأن تربية الحمام، حيث اعتبرها بعضهم مكروهة، بينما أباحها آخرون بشروط معينة. ومع ذلك، لم يرد نص واضح يشير إلى تحريمها بشكل قاطع، أو نص يجيزها بشكل مطلق. وقد أوضح العلماء أنه إذا كان الهدف من تربية الحمام هو الاستئناس بها أو تناول لحمها أو التجارة بها، فإن ذلك يعد مباحًا ولا حرج فيه.

لكن في حال كان مربي الحمام يقوم بتطييرها، مما يؤدي إلى إزعاج الجيران أو انتهاك خصوصيات الآخرين، أو إذا كان ذلك يشغله عن ذكر الله، فإن تلك الحالة من تربية الحمام تُعتبر منهيًا عنها، لما تنطوي عليه من أضرار شخصية وإضرار بحقوق الآخرين، ويجدر بالمربين مراعاة ذلك.[1]

رأي الشيخ ابن عثيمين في تربية الحمام

سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم تربية الحمام، فقال إنه لا مانع من تربية الحمام في أقفاص، أما بالنسبة لتوفير الطعام والماء وظروف التدفئة في فصل الشتاء، مع التأكيد على عدم تطييرها، فإنه يعتبر واجبًا. وأكد أن من تتعلق به الأمور التي تضر بالجيران أو تلهيه عن ذكر الله، فإن تلك المسألة غير مقبولة شرعًا.[2]

حكم حلق الحواجب بالموس ابن باز

استنتاج من إسلام ويب حول تربية الحمام

أوضحت إسلام ويب أن تربية الحمام بغرض الانتفاع أو البيع تُعتبر جائزة بشرط عدم الإضرار بالجيران أو إهمال حقوق الحمام. وقد قيل في المراجع الفقهية: “إذا كان الشخص يحتفظ بالحمام في منزله للاستئناس دون تطييرها عادة، فإنه يعد عادلًا ويمكن قبول شهادته، حيث إن الاحتفاظ بها غير ممنوع قانونًا”.[3]

الوقت المخصص لتربية الحمام وفق الشيخ ابن باز

أجاب الشيخ ابن باز رحمه الله عن سؤال حول مسلم يقضي وقته في تربية الحمام، فقال إن ذلك لا يُعتبر محرمًا بشرط أن لا ينشغل عن طاعة الله أو يؤذي جيرانه، وأن لا يتسبب في انتهاك حقوق الآخرين. إذا تحققت هذه الشروط، فلا حرج في تربية الحمام.[4]

تربية الحمام وقبول الشهادة

يذهب أغلب العلماء إلى أن شهادة مربي الحمام، إن لم يكن ينوي تطييرها، تُقبل. ولكن في حال كان يقوم بتطييرها، تسقط عدالتهم وقدرتهم على الشهادة. لذا فإن الأصل في تربية الحمام هو الإباحة متى ما كانت لغرض مفيد، أما تربية الحمام لتطييرها لأغراض غير مفيدة فتعتبر مذمومة شرعًا، وتحدثنا الآثار عن الأذى الناتج عن ذلك بمختلف صوره.[5]

متى تقبل شهادة مربي الحمام؟

إن هناك توافقًا بين العلماء على أن شهادة مربي الحمام الذي يلتزم بالتربية الكافية والأهداف الإيجابية تُقبل، بينما تنقص شهادته إذا تولى اللعب بها وأدى ذلك إلى الإضرار بالآخرين أو إهمال الواجبات الشرعية. وتعتبر المروءة أدوات رئيسية تحدد القبول في هذا السياق.

آراء الفقهاء حول تربية الحمام

صاغ أهل العلم العديد من الآراء حول حكم تربية الحمام، ومن أبرز تلك الآراء ما يلي:

  • قال النووي: “تربية الحمام للاستخدامات المختلفة مثل الفرخ أو البيض أو الأنس تعتبر جائزة، ولكن اللعب بها بغرض الطيران يُعتبر مكروهًا”.
  • قال ابن قدامة: “لا شهادة لمن يلعب بالحمام ويتسبب بذلك في أذى الناس؛ لأن ذلك يُعتبر قلة مروءة”.
  • قال السرخسي: “إذا كان يحتفظ بحماماته رغم عدم الطيران، يُعتبر عادلًا وقابلًا للشهادة نظرًا لأن الاحتفاظ بها غير محظور”.
  • قال حرب: “لا بَأسَ في اتخاذ الطيور في المنزل للاستئناس، ولكن اللعب بها قد يكون مضرًا”.

تفسير حديث “شيطان يتبع شيطانة”

روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتبع حمامة، فقال: “شيطان يتبع شيطانة”. يُظهر هذا الحديث مدى حرص العقلاء على تجنب ضياع الوقت في العبث واللعب، حيث يشغل الشيطان الإنسان عن الأمور الهامة، مما يُعد تحذيرًا من اللهو، والابتعاد عن ما ينفع.[6]

شروط إباحة تربية الحمام

استنادًا إلى تصريحات العلماء، يمكن استنتاج الشروط التالية لتربية الحمام بطريقة تُعتبر مباحة:

  • عدم الانشغال بتربية الحمام عن الواجبات الشرعية، وضمان عدم إهمال حقوق الأسرة.
  • ضرورة الابتعاد عن تطيير الحمام دون حاجة.
  • عدم إيذاء الجيران أو الاطلاع على خصوصياتهم.
  • تجنب السرقات، سواءً كانت مقصودة أو غير مقصودة.
  • تؤكد عدم التسبب في إلحاق الأذى بالزرع أو الممتلكات العامة.

وبذلك نكون قد استنتجنا حكم تربية الحمام وما يرتبط بها من أحكام، وكذلك قضايا تتعلق بالشهادة. يُتمنى أن يكون هذا المقال قد ساهم في توضيح الرؤية حول هذه المسألة الشائكة.