خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان أزواجًا من نفسه ليستقر بها، فعمد إلى خلق الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما خصائص تميزه عن الآخر. وبالتالي، فإن المرأة تختلف عن الرجل من حيث الفطرة وأماكن العورة. ومن هنا، يطرح العديد من الناس تساؤلات حول صحة المقولة القائلة إن “المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين”، وذلك نظرًا للاختلاف الدائر بين الفقهاء. في هذا المقال، سنستعرض بوضوح الجواب حول هذه المسألة المثيرة للجدل.

ما هي صحة القول بأن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين؟

تداولت الكثير من الآراء حول موضوع الوجه والكفين في حق المرأة المسلمة، بين الحث على ستر الوجه والكفين وجواز إظهارهما. لنستعرض معًا ما يقوله العلماء بشأن هذه المسألة، وذلك من خلال النقاط التالية:

  • انتشرت في الآونة الأخيرة بين أوساط المسلمين فكرة مفادها أنه يجب على المرأة تغطية جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين، حيث يُعتبران غير عورة يجب سترها، وهذا على الأرجح صحيح أثناء الصلاة، بشرط عدم وجود رجال بالغين أجانب بجوارها.
  • الرأي الأكثر قبولًا بين العلماء هو أن الوجه والكفين يُعتبران عورة نظر لا عورة ستر، وبالتالي يُسمح بكشفهما عند الخطبة أو أثناء قضاء فترة الحيض، وقد رخص الله تعالى لذلك. وقد قال النووي: “ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذلك وجهها وكفها عند خوف الفتنة” (وقال الرملي في شرحه: إجماعًا) ويجوز ذلك في حالة الأمن.

ما هي الأدلة على جواز كشف المرأة وجهها وكفيها؟

تبنى بعض الفقهاء المتأخرين فكرة أن الوجه والكفين لدى المرأة المسلمة ليستا عورة، مما يعني أن بإمكان المرأة كشف وجهها وكفيها بدون أي مانع. لنستعرض الأدلة التي تدعم هذا الرأي من خلال النقاط التالية:

  • اعتماد ما ورد في التفسير الذي يشير إلى “إلا ما ظهر منها”، حيث الوجه والكفان من ذلك.
  • استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ذكرته عائشة رضي الله عنها، “أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي وعليها ثياب رقيقة فأعرض عنها، وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا، وأشار إلى وجهه وكفيه” رواه أبو داود مرسلًا.
  • وجود أحاديث متعلقة بالمرأة سفعاء الخدين والمرأة الوضاءة من خثعم خلال الحج، حيث كن كاشفات الوجه أمام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يُعقب النبي على ذلك.

ما هي الأدلة على وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها؟

تؤكد جماعة من السلف وجمهور الفقهاء المتأخرين على وجوب ستر المرأة جميع جسمها، بما في ذلك الوجه والكفان، وقد قدموا أدلة لدعم هذا الموقف. إليك بعض تلك الأدلة:

  • آية الحجاب في سورة النور، حيث قال الله تعالى: “ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن”، بالإضافة إلى ما ورد من تفسير عائشة حول هذا الموضوع.
  • قوله تعالى: “ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن”، في إشارة واضحة إلى ضرورة عدم كشف لناعم الأمور، وبالتالي فإن كشف الوجه يعد تعارضًا مع هذه الآية.
  • في قوله تعالى: “وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ”، وهو إذن لهن بإظهار ما يستثنى من الزينة، ولكن يشمل ذلك وجوب الحجاب الشامل لبقية البدن.
  • في آية الإدناء بسورة الأحزاب “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ”، حيث فسرها ابن عباس وعبيدة السلماني بنقاب يغطي الوجه مع ترك العين اليسرى مكشوفة، بصفتها توجيهًا خاصًا لأمهات المؤمنين.
  • قوله سبحانه: “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ”، تدل على ضرورة وجود حجاب يحجب كل البدن.

ختامًا، تناولنا في هذا المقال موضوع “ما صحة قول المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين”، حيث استطردنا في استعراض الأدلة الشرعية المتعلقة بالمسألة لتسلط الضوء على جوانبها المختلفة، نأمل أن تكون المعلومات المقدمة قد ساعدت القارئ في إزالة الحيرة والشك. والله تبارك وتعالى الموفق.