يثير موضوع الإجهاض تساؤلات كثيرة لدى المسلمين، حول حكمه في الإسلام ومتى يُسمح به شرعًا، بالإضافة إلى مراحل الإجهاض وأحكامه. يتناول علماء الدين هذه المسائل نظرًا لتباين آراء المجتمعات حولها، خصوصًا مع وجود دول تشرع قوانين تمنع الإجهاض وأخرى تعترف به قانونيًا. من خلال هذا المقال، يسعى موقع أطروحة لتقديم نظرة شاملة حول حكم الإجهاض في الإسلام.

اهتمام الإسلام بالجنين

أكد الإسلام على حقوق جميع الأرجاء، بما في ذلك حقوق الجنين المتواجد في رحم أمه. يُعتبر الجنين صاحب حقوق كاملة، ومنها حقه في الصحة، حيث أباح الإسلام للأم الإفطار في رمضان للحفاظ على صحته. كما أرجأ الإسلام العقوبات على الأم في قضايا الزنا إذا كانت صحتها أو صحة الجنين مهددة. كذلك، يتمتع الجنين بحقوق مادية، مثل حق الإرث، والتوصيات، والهبات، فضلًا عن تخصيص دية لقتله. وهذا يدل على عظمة الإسلام في حماية حقوق الأجنة، والله ورسوله أعلم.

حكم الإجهاض في الإسلام

بخصوص حكم الإجهاض في الإسلام، فإن الإجماع بين العلماء يثبت أنه يحظر بعد نفخ الروح في الجنين. غير أن الآراء تتباين حول حكم الإجهاض قبل نفخ الروح، حيث يراه معظم العلماء محرمًا بشكل مطلق، بينما يُفضل البعض اعتبار الأمر مكروهًا، ويسمح آخرون بالإجهاض قبل الأربعين يومًا. ويعرف الإجهاض بأنه إخراج الجنين من رحم أمه عمدًا قبل بلوغ وقته الطبيعي، وهو عمل يُعد جناية بعد دخول الروح للجنين، والله ورسوله أعلم.

حكم تربية الحمام وتأثيرها على الشهادة

متى يُسمح بإجهاض الجنين شرعًا

رغم أن الشريعة الإسلامية تُعتبر الإجهاض محرمًا حتى مرحلة النطفة، إلا أن العلماء أشاروا إلى بعض الظروف التي يُسمح فيها بإجراء الإجهاض، مثل حالة تعرض حياة الأم للخطر بسبب الحمل، حيث يمكن حينئذٍ إسقاط الجنين لحماية الأم. كما يُسمح بالإجهاض إذا توفي الجنين في بطن أمه دون تدخل خارجي، والله ورسوله أعلم.

هل يجوز ذبح الماعز في عيد الأضحى؟

حكم إجهاض الجنين من الزنا

لم يُفصل العلماء كثيرًا في تمييز الحمل الناتج عن زنا أو نكاح شرعي، حيث اعتبروا أن الحكم واحد. فالإجهاض الناجم عن زنا يعد أكثر حرمة، لأنه سيشجع على انتشار الفاحشة في المجتمع. إذًا، تحرم الشريعة الإسلامية على المرأة الحامل نتيجة الزنا إجهاض جنينها، والله ورسوله أعلم.

مراحل الإجهاض وحكمها

قسم القائمون على موقع إسلام ويب مراحل الإجهاض وحددوا حكم كل مرحلة، وأشاروا إلى أن المسألة تتسم بالخلاف بين أهل العلم. ووضعت المراحل كما يلي:

  • المرحلة الأولى: بعد مرور مائة وعشرين يومًا من الحمل، حيث يُعتبر الإجهاض هنا قتلًا للنفس، ولا يُسمح إلا في حالات معينة، مثل وفاة الأم أو وفاة الجنين طبيعيًا.
  • المرحلة الثانية: قبل مائة وعشرين يومًا وبعد الأربعين، حيث يفضل هنا اتخاذ موقف التحريم، لكنه لا يرتقي إلى جريمة القتل، وإنما يُعتبر إثما كبيرًا.
  • المرحلة الثالثة: قبل الأربعين يومًا، ويحظر الإجهاض إلا لوجود مصلحة شرعية أو لدفع ضرر شديد.

حكم حلق الحواجب بالموس وفقًا للشيخ ابن باز.

رأي ابن باز في الإجهاض

قدم الشيخ ابن باز رحمه الله العديد من الفتاوى حول حكم الإجهاض. وأوضح في أحد فتاواه أن الإجهاض يترتب عليه مضار كبيرة، وأنه محرم ولا يجوز في مرحلة ما قبل التخلق. وعندما يتخلق الجنين وتُنفخ فيه الروح، يصبح الإجهاض قتلًا لنفس بغير حق، وهو عكس ما يرغب الله فيه من تكثير النسل، والله ورسوله أعلم.

حكم إسقاط الجنين قبل الأربعين

تباينت آراء العلماء حول إسقاط الجنين قبل الأربعين يومًا. فقد اعتبر بعض الشافعية والحنفية وجزء من الحنابلة أن ذلك قد يكون جائزًا في حالات معينة قبل الأربعين إذا لم يتخلق منه شيء. بينما أكدت المالكية على حرمة ذلك بشكل مطلق. والقول السائد عند اللجنة الدائمة هو أن الأصل في الحمل هو تحريمه، إلا لوجود سبب شرعي مُعتبر، والله ورسوله أعلم.

حكم إجهاض الجنين لزراعة أعضائه

انتشر حديثًا استخدام الأجنة المُجهضة كوسيلة لزراعة الأعضاء، وهذا الأمر مُحرم شرعًا وفقًا لفتاوى مجمع الفقه الإسلامي. فلا يجوز استخدام الأجنة كمصدر للأعضاء، إلا في حال حصل الإجهاض بدون تدخل خارجي بسبب مرض الأم، وفي هذه الحالة، إذا كان الجنين بعيدًا عن الحياة، يُعتبر الأمر جائزًا، لكن الحالات الأخرى محظورة شرعًا.

ضوابط إجهاض الجنين

يمكن تلخيص ضوابط الإجهاض في الإسلام وفق ما ذكرته هيئة كبار العلماء. حيث يجب ألا يحدث الإجهاض في أي مرحلة من مراحل الحمل إلا لمبرر شرعي واضح ومقبول. حتى وإن كان الحمل في أوائل مراحله، بشرط أن يشمل الإجهاض مصلحة شرعية أو يُنقذ من ضرر كبير، والله ورسوله أعلم.

وفي الختام، قدمنا في هذا المقال صورة شاملة عن حكم الإجهاض في الإسلام، مع توضيح المعاني الشرعية والتفاصيل الخاصة بالأحكام المختلفة، وكذلك حالات وضوابط إباحة الإجهاض.