مع اقتراب يوم عرفة، يزداد شغف المسلمين للتعرف على فضائل هذا اليوم ومميزاته، وما أشار إليه القرآن الكريم عن هذا اليوم العظيم، حيث أقسم الله سبحانه وتعالى في سورة البروج بالشــاهد والمشــهود. إن قسم الله لا يكون إلا بعظيم. لقد تناول العلماء هذه الآية بتفسيرات متعددة، ومن خلال موقع أطروحة، سنتناول الحديث عن معنى الشــاهد والمشــهود وفقاً لتفسير الآية 3 من سورة البروج.

تعريف الشاهد والمشهود

في الآية الكريمة من سورة البروج، وتحديداً في الآية الثالثة: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}، تباينت آراء العلماء حول ما تشير إليه هذه المفردات. فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أن الشاهد هو الله سبحانه وتعالى، أما المشهود فهو يوم القيامة. وهناك من قال إن الشاهد هو آدم عليه السلام وذريته والمشهود هو يوم القيامة، فيما ذهب آخرون إلى أن الشاهد يشير إلى يوم عرفة ويوم الجمعة، في حين أن المشهود هو يوم القيامة. ولكن يمكن القول إن الرأي الراجح هو أن الشاهد هو يوم عرفة والمشهود هو يوم النحر، أو العكس حيث يمثل الشاهد يوم القيامة ويكون المشهود يوم عرفة. فعن يونس بن عبيد، يروي عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3]: الشاهد هو يوم الجمعة والمشهود هو يوم عرفة، والموعود هو يوم القيامة. [تخريج زاد المعاد: 399/ 1] والله ورسوله أعلم.

ماذا يفعل الشيطان يوم عرفة

تفسير ابن كثير للآية 3 من سورة البروج

في تفسير ابن كثير حول الشاهد والمشهود، نجد أن المفسرين اختلفوا في دلالتهما ومعناهما. فقد ورد عن أبي هريرة أن الشاهد هو يوم الجمعة، أما المشهود فهو يوم عرفة. ورُوي عن وكيع بن شعبة أن الشاهد هو النبي صلى الله عليه وسلم والمشهود يوم القيامة. كما ورد عن ابن عمر وابن الزبير أن الشاهد والمشهود هما يوم النحر ويوم الجمعة، ومن مجاهد وعكرمة من قال إن الشاهد هو ابن آدم والمشهود هو يوم القيامة، في حين أن ابن جرير ذكر أن الشاهد هو يوم عرفة والمشهود هو يوم القيامة. تظل هذه الآراء متباينة، والله ورسوله أعلم.

هل دعاء يوم عرفة مستجاب لغير الصائم

تفسير القرطبي للآية 3 من سورة البروج

في تفسير القرطبي، يوضح أن العلماء اجتهدوا في تأويل هذه الآية، وذهب بعضهم إلى أن الشاهد هو يوم الجمعة والمشهود هو يوم عرفة. وقد أشار القرطبي إلى عدة روايات، منها ما روي عن أبي هريرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَشَاهِدٍ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَمَشْهُودٍ: يَوْمُ عَرَفَةَ”. وذكر القرطبي أيضاً آراء أخرى تتعلق بالشاهد كونه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشهود يوم القيامة، وكذلك تفسير آخر يشير إلى أنهما عيد الأضحى والجمعة، والإنسان ويوم القيامة والله أعلم.

صحة حديث ترفع الأعمال يوم عرفة إلا المتخاصمين

تفسير ابن باز لما ورد في الآية {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}

عند سؤال الشيخ ابن باز رحمه الله عن الشاهد والمشهود في سورة البروج، قال:

“لقد تداول العلماء في هذا الأمر كثيرًا، وأحسن ما ورد فيه هو أن الشاهد هو يوم الجمعة، والمشهود هو يوم عرفة. فكل من يوم الجمعة ويوم عرفة شهيدان، حيث يشهدهما الناس حجاجًا. ولكن هذا هو الرأي الأرجح، فالسماء ذات البرج، واليوم الموعود هو يوم القيامة، والشاهد هو يوم الجمعة، والمشهود هو يوم عرفة، وهذا أفضل ما قيل في هذا الموضوع.”

ما هو اليوم الموعود؟

اليوم الموعود هو يوم القيامة. كما يروي الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اليوم الموعود هو يوم القيامة، واليوم المشهود هو يوم عرفة، والشاهد هو يوم الجمعة، وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل من هذا اليوم، فيه ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يدعو الله بخير إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شرّ إلا أعاذه الله منه”. [صحيح الجامع: 8201] والله ورسوله أعلم.

في ختام هذا المقال، تناولنا مفهوم الشاهد والمشهود، مستعرضين أقوال أهل العلم المختلفة حول تفسير الآية 3 من سورة البروج، بما في ذلك ما ورد في تفاسير القرطبي وابن كثير وابن باز، بالإضافة إلى شرح اليوم الموعود.