تُعتبر الأيام العشر من ذي الحجة من الفترات المباركة التي عظمها الله سبحانه وتعالى، إذ إن لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين. فهل تُضاعف السيئات خلال هذه الأيام بشكل خاص؟ وهل تُضاعف الحسنات أيضًا؟ الله عز وجل قد أقسم بهذه الأيام في كتابه العظيم، مما يدل على عظم قدرها. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنها تُعتبر أفضل أيام الدنيا، حيث يُصادف فيها يوم عرفة ويوم النحر، وهما من أعظم الأيام. في هذا المقال عبر موقع أطروحة، سنتناول مسألة مضاعفة السيئات في العشر من ذي الحجة.

أيام العشر من ذي الحجة

من نعم الله الكثيرة على عباده أن منحهم مواسم خاصة للخير والطاعة، ومن أبرز تلك المناسبات هي الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة. يتسابق المسلمون في هذه الأيام للقيام بالطاعات واعتلاء مراتب القرب من الله تعالى. وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم فضل هذه الأيام، وأوصى بالعمل الصالح فيها، مشيرًا إلى أن الأعمال فيها أفضل من جميع الأيام الأخرى.[1]

هل تتضاعف الذنوب في العشر من ذي الحجة؟

إن الذنوب تُعتبر أعظم وزرًا وأكبر إثمًا في الأيام العشر من ذي الحجة، كما هو الحال في الأشهر الحرام. وقد ذكر العلماء استنادًا إلى قوله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}[2]. فستكون كبائر الذنوب أشد وأعظم في هذه الفترة. ومع ذلك، تظل الذنوب تتضاعف نوعيًا وليس عددًا، والله ورسوله أعلم.[3]

متى تتضاعف السيئات؟

يؤكد العلماء أن كل ذنب يرتكبه العبد يُسجل عليه كسيئة واحدة، دون تضاعف عددي لها. ولكن هناك بعض الأماكن والأزمنة التي تعظم فيها السيئات، كارتكابها في الحرم أو في رمضان أو في العشر الأوائل من ذي الحجة. فساهمت العوامل المتعلقة بالمكان والشخص في زيادة عواقب المعصية، بينما كمية السيئات تبقى ثابتة بتأييد الله ورسوله.[4]

هل تُضاعف الحسنات في العشر من ذي الحجة؟

يجزي الله سبحانه وتعالى عباده بتضاعف الحسنات في كل زمان ومكان مميز، حيث قد تصل الحسنات إلى عشرة أمثالها أو حتى سبعمائة ضعف. وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يقولُ اللَّهُ: إذا أرادَ عَبْدِي أنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً، فلا تَكْتُبُوها عليه حتَّى يَعْمَلَها، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها بمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها مِن أجْلِي فاكْتُبُوها له حَسَنَةً”…[5]. إذًا، الحسنات تتضاعف في الأوقات المباركة، بما في ذلك العشر من ذي الحجة ويوم عرفة، حيث يُعظم الله الأجر لعباده كما يشاء.

دعاء اول ايام العشر من ذي الحجة

الأجر المزدوج للحسنات والمعصيات

شرح الشيخ ابن باز رحمه الله موضوع مضاعفة الحسنات والمعاصي، وأوضح أن الأدلة تشير إلى أن الأوقات والأماكن المميزة كرمضان والعشر من ذي الحجة لها تأثير على مضاعفة الأجر. فقد تتضاعف الأعمال الصالحة في الحرمين الشريفين، ولكن لم يتم تحديد الرقم الخاص في الأعمال غير الصلاة، إلا أنه يتواجد نصوص تشير إلى مضاعفة الأجر بشكل عام. بينما السيئات فلا تضاعف من حيث الكم ولكن من حيث الكيفية.[7]

سبب مضاعفة الحسنات والذنوب في العشر من ذي الحجة

تعود مضاعفة الحسنات وعظم الذنوب في الأيام العشر من ذي الحجة إلى كونها من أوقات الخير والبركة. ينهى الله سبحانه وتعالى عن الظلم فيها، مما يمنحها حرمة ومكانة عالية، لذا فإن العقاب والثواب يتضاعف فيها نتيجة لذلك. إذ كل زمان يحمل مكانة عند الله يُعتبر أجره وعقابه مضاعفًا، والله ورسوله أعلم.[8]

أحاديث صحيحة عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

سبب تبعية المضاعفة للحسنات وعدم السيئات

توافق العلماء على أن الحسنات تُضاعف في الأمكنة والزمانة الشريفة، أما السيئات، فهي تعظم من حيث الكيفية فقط وليس الكم، وذلك بسبب رحمة الله تعالى بعباده. فقد منحهم ثوابًا مضاعفًا للحسنات، بينما أبقى السيئات على قدرها الواحد، بلا زيادة. لذا، كل حسنة تُكتب بعشر أمثالها، بينما السيئة تُسجل مرة واحدة، سواء في عشر ذي الحجة أو غيرها.[9]

ماذا يجب على من يصر على الذنب في عشر ذي الحجة؟

يجب على المسلم عند بداية العشر من ذي الحجة أن يتوب إلى الله توبة صادقة ونابعة من القلب، مؤكدًا عزيمته على التوجه نحو الله وفقًا لما يُرضيه. فالتوبة تُعد سبيل النجاة للعبد في الدنيا وفي الآخرة. يتوجب على المسلم أن يجتهد في استثمار هذه الأيام المباركة بالأفعال الصالحة والقول الطيب، ويجب عليه الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، حيث إن الطاعات تُقرب العبد إلى الله بينما الارتكاب تنفيه من الرحمة الإلهية.

فضل عشر ذي الحجة للشيخ ابن عثيمين

قائمة المقالات ذات الصلة

بهذا، نكون قد انتهينا من مقال “هل الذنب مضاعف في العشر من ذي الحجة”، والذي تطرقنا فيه إلى التعريف بعظمة أيام العشر من ذي الحجة، ومكانتها، كما تناولنا موضوع مضاعفة الحسنات بالمقدار النوعي ومضاعفة السيئات الكيفية. هذا المقال يهدف إلى إلقاء الضوء على جوانب مهمة حول العشر من ذي الحجة وأثرها على الفلاح الدنيوي والأخروي.