تثار آراء متباينة حول جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الشريعة الإسلامية، إذ يعتبر هذا اليوم من المناسبات التي تثير جدلاً كبيراً في الأوساط الإسلامية الحديثة. مع اقتراب شهر ربيع الأول، يبدأ الناس في التحضير للاحتفالات دون مراعاة المواقف الشرعية الواردة عن علماء الأمة، لذا سنتناول عبر موقع أطروحة مسألة جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وكذا حكم المشاركين في تلك الاحتفالات.

أصل الاحتفال بالمولد النبوي

يعود أول احتفال بعيد المولد النبوي إلى الشيعة الفاطميين في القرن الرابع الهجري، حيث ابتدعوا هذا اليوم بهدف التأثير على دين المسلمين، كما أضافوا إلى التقويم الإسلامي أعياداً أخرى مثل يوم عاشوراء ومولد الحسين ومولد الزهراء. لم يكن يوم المولد النبوي معروفاً في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو في عهد الصحابة أو حتى في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة. ومع ظهور العبيديين، تم إدخال عدد من الأعياد البدعية، والتي يقدر عددها بسبعة وعشرين عيداً، والله أعلم.

قصائد في مدح المولد النبوي الشريف، أجمل الأشعار حول النبي

ما هو حكم الاحتفال بيوم المولد النبوي؟

تباينت آراء العلماء حول الاحتفال بمولد النبي، لكن الرأي السائد بين معظم علماء الأئمة الأربعة والجماهير يعتبر أن الاحتفال بهذه المناسبة غير جائز. في المقابل، ارتأى بعض العلماء المعاصرين، الذين قد يكونوا اختلطت عليهم الأمور، أن الاحتفال بالمولد مقبول ومستحب، مستندين إلى بعض الآراء التي تتفق مع رؤى المتصوفة والشيعة. وفيما يلي عرض لآراء علماء الدين في المسألة.

المجيزون للاحتفال بالمولد النبوي وأدلتهم

يرى بعض العلماء أن الاحتفال بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- جائز ومرغوب وفق شروط معينة، ومن ضمن آرائهم:

  • الإمام حافظ بن حجر الذي قال إنه رغم اعتباره المولد بدعة، إلا أنه أباح الاحتفال به كـ”بدعة حسنة” بشرط تجنب المخالفات الشرعية.
  • الإمام السيوطي أشار إلى أن الاحتفال بالمولد يتعلق بتجمع الناس لقراءة القرآن وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- والتفكر في معجزاته، دون تجاوز ذلك.
  • أضاف المجيزون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم يوم الاثنين، وهو اليوم المتوقع لمولده، مما يبرر إحياء ذكرى تلك المناسبة دون التعدي على شرع الله. ويفرح المسلمون بمولد النبي كجزء من طبيعتهم الإنسانية، حيث أُرسل رحمة للعالمين بالأمر الإلهي بالفرح.

المانعون للاحتفال بالمولد النبوي وأدلتهم

تجدر الإشارة إلى أن غالبية العلماء، باستثناء عدد قليل، يُعرفون بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي ويعتبرونه بدعة. يتبنى هذا الرأي جميع المذاهب الأربعة، حيث أشار ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين إلى ذلك وقد وردت أقوالهم كما يلي:

  • وفقًا لابن تيمية، فإن الاحتفال بالمولد يعد تقليدًا للنصارى في ميلاد عيسى بن مريم -عليه السلام- ولا يعد من السنة، حيث لم يفعله السلف، لذا لا ينبغي اتخاذه عيدًا.
  • بينما أكد ابن باز أن الاحتفال بالمولد بدعة، إذ لم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، لذا فهو غير مشروع.
  • كما استند العلماء إلى أن النبي وصحابه لم يحتفلوا بالمولد، مما يجعله خارج إطار السنة ويعتبر من البدع التي ابتدعها العبيديون الشيعة.

المولد النبوي الشريف

فتوى دار الإفتاء المصرية حول الاحتفال بالمولد النبوي

في تغريدة على حسابها الرسمي، شددت دار الإفتاء المصرية على أن القول بأن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة هو خطأ، وأكدت أن إجماع علماء المسلمين يتمثل في جواز الاحتفال بالمولد وإظهار الفرح بهذه المناسبة، مثل شراء الحلوى.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي وفق ابن باز

أكد الشيخ ابن باز في فتاويه على أن الاحتفال بالمولد النبوي أمر غير مشروع ويمثل بدعة، حيث لم يرد عن النبي أو صحابته، ويشابه في ذلك الأعياد البدعية الأخرى، مما يدل على أنه لا يجوز للمسلمين الاحتفال به.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي وفق ابن عثيمين

قال الشيخ ابن عثيمين في مسألة الاحتفال بالمولد النبوي:

ما فعله الخلفاء الراشدون أو الصحابة أو التابعون ليس فيه احتفال بهذا اليوم، وإذا كنا نحب النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يجب أن نبتدع شيئًا لم يفعلوه، لذا الاحتفال بالمولد بدعة ينبغي تجنبها.

حكم من يُعد أو يحضر الاحتفال بالمولد النبوي

حذر أهل العلم من أن المسلم الذي يقوم بصنع أو توزيع الحلوى أو يحضر أي مظاهر للاحتفال بيوم المولد النبوي يشارك في نشر ضلالة، حيث أن الاحتفال يُعتبر بدعة، ويجب على المسلمين الابتعاد عن هذه المناسبات والالتزام بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

حكم الاحتفال بيوم المعلم في المذاهب الأربعة

حكم الاحتفال بالمولد النبوي بحسب إسلام ويب

وفقاً لموقع إسلام ويب، فإن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه واجب على المسلمين، لكن يجب أن تتم هذه المحبة من خلال اتباع تعاليمه، والابتعاد عن البدع مثل الاحتفال بالمولد، الذي لم يكن موجودًا في عهد النبوة.

حكم الاحتفال بالمولد النبوي على الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب رفض الاحتفال بالمولد النبوي، مستنداً إلى أقوال أهل العلم والجمهور في المذاهب الأربعة، مشددًا على أنه بدعة لم ترد عن الرسول، وكان الرسول قد أوصى باتباع سنته وترك البدع، حيث قال: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة”. [الترمذي: 2676]

أسئلة شائعة حول حكم الاحتفال بالمولد النبوي

مع اقتراب ما يعتبره المسلمون مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، يتمنى العديد منهم الحصول على إجابات بعض الأسئلة المتداولة حول هذه المناسبة، ومنها:

هل كان الرسول يحتفل بيوم مولده؟

لم يثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتفل بمولده، ولم يأمر بذلك.

هل احتفل الصحابة بالمولد النبوي؟

لا يوجد أي دليل على أن الصحابة أو تابعينهم قد احتفلوا بيوم مولده.

هل يجوز عشاء المولد النبوي الشريف؟

لا يُعتبر ذلك جائزًا وفق آراء أهل العلم، ولا يُعد مشاهير.

هل وُلِد النبي يوم الاثنين؟

وُلد النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم الاثنين، وكان لديه احتمال في ربيع الأول، لكن تاريخ ميلاده غير معلوم بدقة.

من أول من احتفل بمولد النبي؟

العبيديون الفاطميون هم أول من قاموا بالاحتفال بهذا اليوم بعد القرن الرابع الهجري.

من العلماء الذين حرموا الاحتفال بالمولد النبوي؟

الأئمة الأربعة (الشافعي، الحنفي، المالكي، ابن حنبل) وابن تيمية وابن القيم من بين العديد من العلماء الذين حرّموا الاحتفال بيوم المولد وأكدوا على بدعيته.

في ختام هذا المقال، تم تسليط الضوء على آرائنا حول جواز الاحتفال بيوم المولد النبوي في الشريعة الإسلامية، مع طرح الأسئلة الشائعة حول الموضوع والإجابة عليها.