مما يتردد بكثرة بين المسلمين، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك أو عند قدوم مولود جديد، هو السؤال عن إمكانية دمج الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة. فالذبح قربانًا لله يعد من أعظم العبادات والطاعات. الأضحية تمثل الذبائح التي يتم تقديمها قربانًا لله في يوم النحر وفق ضوابط معينة، بينما العقيقة هي الذبائح التي تُقدَّم فداءً للمولود بعد ولادته. في هذا المقال، سنستعرض حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة.

هل يجوز دمج الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة؟

ثمة خلاف بين العلماء حول مسألة دمج الأضحية والعقيقة. الرأي الأول يرى أن المسلم يجوز له أن يجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة، وهو ما اختاره الإمام أحمد وأبو حنيفة وعدد من السلف الصالحين، حيث يرون أن هذا ييسر الأمور على المسلمين، إذ أن المقصد من ذبح الأضحية والعقيقة هو القربى لله سبحانه وتعالى، مما يتيح الجمع بين النيتين.

أما الرأي الثاني، فقد ذهب أصحابه إلى أنه لا يجوز دمج الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة، وهو ما تضمنته إحدى روايات الإمام أحمد وأيضًا مذهب المالكية والشافعية. وقد أشار العلماء إلى مفهوم “التشريك بالنية”، حيث يتم الجمع بين عبادتين بنية واحدة، وبيّنوا أن الأعمال التي تُعتبر مقصودة لذاتها لا يُجمع بينها في النية، بينما الأعمال غير المقصودة لذاتها يمكن أن تُدمج. وبالتالي، فإن الراجح في مسألة الأضحية والعقيقة هو أن كل عبادة تُعتبر مقصودة لذاتها، لذا لا تجزئ إحداهما عن الأخرى، ومما يتبين أن الجمع غير جائز وفقاً لأراء كثير من العلماء.

حكم الأضحية في عيد الأضحى

ما هو الحكم إذا جمع بين الأضحية والعقيقة؟

تتعدد الآراء حول مسألة الجمع بين الأضحية والعقيقة، بين من يرفض ذلك ويرى أن ذلك غير كافٍ، وبين من يعتقد بإمكانية الدمج لتحقيق المقصد منهما، وهو إراقة الدم. كما ذكر الحطاب في “مواهب الجليل”: “إذا ذبح الأضحية بنية الأضحية والعقيقة، لا تجزئه”، وأوضح أن الفارق يكمن في المقصد، حيث إن إراقة الدم لا تُغني عن إراقتين، بينما المقصد من الوليمة يتمثل في الإطعام، مما يتيح الجمع.

وقد ذكر البهوتي في “شرح منهج الإرادات”: “إذا اتفقت وقت العقيقة والأضحية، فنحرت العقيقة تجزئ عن الأضحية، أو العكس”.

هل يجوز المشاركة في الأضحية؟

الجمع بين نية الأضحية والعقيقة

تعد هذه المسألة محل جدل بين العلماء حيث اختلفوا فيها. الإمام أحمد ومن تبعه أجازوا الجمع، بينما آخرون رأوا بضرورة الفصل بين النيات نظرًا لاختلاف المقصد، حيث أن الأضحية تعود بالنفع على النفس، بينما العقيقة تعود بالنفع على الطفل. لذا من الأفضل الالتزام بالنهي وتجنب الدمج، خاصة لمن يمتلك الوساعة والقدرة.

أحاديث صحيحة عن فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

الفرق بين الأضحية والعقيقة

الأضحية والعقيقة هما سنتان مؤكدة، وليسوا من الواجبات على المسلمين، وهما واجبتان على المسلم القادر. الأضحية تُعتبر تنفيذًا لأوامر الله، بينما العقيقة اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. في الأضحية، يمتنع المضحِّي عن قص شعره خلال عشرة أيام من ذي الحجة حتى يضحي، بينما يُحلَق لرأس الطفل يوم ذبح العقيقة. يُستحب ذبح شاتين عن الذكر وشاة واحدة عن الأنثى في العقيقة، بينما الشاة واحدة تكفي في الأضحية. ويسمح للمسلم بالاستعانة بشخص آخر للذبح، لكن من الأفضل أن يذبح بنفسه أو على الأقل يشهد ذبحه، مع ضرورة اختيار أفضل وأصح الذبائح.

ما هي شروط المضحي للرجال؟

ختامًا، تناولنا في هذا المقال موضوع الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة، وشرحنا حكم هذا الجمع وبيّنّا الفروق بين العقيقتين والأضحية في مختلف الجوانب.